وحكايات عربية اُخرى
{
}
 
الصفحة الرئيسية > ألف ليلة وليلة > وفي الليلة الثامنة والثلاثين

الحكاية السابقة : وفي الليلة السابعة والثلاثين


وفي الليلة الثامنة والثلاثين

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن الأعرج لما قال للشيخ انظر إن بقي لك حيلة أخرى فتركه وأتى إلى دكانه ينتظر أحداً يأتي إليه بشغل يتقوت من أجرته وإذا هو بالجارية قد أتت إليه وكانت اتفقت مع سيدتها على تلك الحيلة فقال له: إن سيدتي مشتاقة إليك وقد طلعت السطح لترى وجهك من الروشن فلم يشعر أخي إلا وهي قد طلعت له من الروشن وصارت تبكي وتقول: لأي شيء قطعت المعاملة بيننا وبينك فلم يرد عليها جواباً فحلفت له أن جميع ما وقع له في الطاحون لم يكن باختيارها فلما نظر أخي إلى حسنها وجمالها ذهب عنه ما حصل له وقبل عذرها وفرح برؤيتها، ثم سلم عليها وتحدث معها وجلس في خياطتها مدة وبعد ذلك ذهبت إليه الجارية وقالت له: تسلم عليك سيدتي وتقول لك: إن زوجها قد عزم على أن يبيت عند بعض أصدقائه في هذه الليلة، فإذا مضى عندهم تكون أنت عندنا وتبيت مع سيدتي في ألذ عيش إلى الصباح وكان زوجها قد قال لها ما يكون العمل في مجيئه عندك حتى آخذه وأجره إلى الوالي فقالت: دعني أحتال عليه بحيلة وأفضحه فضيحة يشتهر بها في هذه المدينة وأخي لا يعلم شيئاً من كيد النساء. فلما اقبل المساء جاءت الجارية إلى أخي وأخذته ورجعت به إلى سيدتها فقالت له: والله يا سيدي إني مشتاقة إليك كثيراً فقال: بالله عليك عجل بقبلة قبل كل شيء فلم يتم كلامه إلا وقد حضر زوج الصبية من بيت جاره فقبض على أخي وقال له: لا أفارقك إلا عند صاحب الشرطة فتضرع إليه أخي فلم يسمعه بل حمله إلى دار الوالي فضربه بالسياط وأركبه جملاً ودوره في شوارع المدينة والناس ينادون عليه هذا جزاء من يهيم على حرائم الناس ووقع من فوق الجمل فانكسرت رجله فصار أعرج ثم نفاه الوالي من المدينة فخرج لا يدري أين يقصد فاغتظت أنا فلحقته وأتيت به والتزمت بأكله وشربه إلى الآن فضحك الخليفة من كلامي وقال: أحسنت فقلت: لا أقبل هذا التعظيم منك دون أن تصغي غلي حتى أحكي لك ما وقع لبقية أخوتي ولا تحسب أني كثير الكلام فقال الخليفة: حدثني بما وقع لجميع أخوتك وشنف مسامعي بهذه الرقائق واسلك سبيل الأطناب في ذكر هذه اللطائف. فقلت: اعلم يا أمير المؤمنين أن أخي الثاني كان اسمه بقبق وقد وقع له أنه كان ماشياً يوماً من الأيام متوجهاً إلى حاجة له وإذا بعجوز قد استقبلته وقال له: أيها الرجل قف قليلاً حتى أعرض عليك أمراً فإن أعجبك فاقضه لي فوقف أخي فقال له: أدلك على شيء وأرشدك إليه بشرط أن لا يكون كلامك كثيراً فقال لها أخي: هات كلامك قالت: ما قولك في دار حسنة وماؤها يجري وفاكهة مدام ووجه مليح تشاهده وخد أسيل تقبله وقد رشيق تعانقه ولم تزل كذلك من العشاء إلى الصباح، فإن فعلت ما أشترط عليك رأيت الخير فلما سمع أخي كلامها قال لها: يا سيدتي وكيف قصدتيني بهذا الأمر من دون الخلق أجمعين فأي شيء أعجبك مني؟ فقال لأخي: أما قلت لك لا تكن كثير الكلام واسكت وامض معي ثم ولت العجوز وسار أخي تابعاً لها طمعاً فيما وصفته له حتى دخلا داراً فسيحة وصعدت به من أدنى إلى أعلى فرأى قصراً ظريفاً فنظر أخي فرأى فيه أربع بنات ما رأى الراؤون أحسن منهن وهن يغنين بأصوات تطرب الحجر الأصم، ثم إن بنتاً منهن شربت قدحاً فقال لها أخي: بالصحة والعافية وقام ليخدمها فمنعته من الخدمة ثم سقته قدحاً وصفعته على رقبته.

فلما رأى أخي ذلك خرج مغضباً ومكثراً الكلام فتبعته العجوز وجعلت تغمزه بعينها ارجع فرجع وجلس ولم ينطق فأعادت الصفعة على قفاه إلى أن أغمي عليه ثم قام أخي لقضاء حاجته فلحقته العجوز وقال له: اصبر عليلاً حتى تبلغ ما تريد فقال لها أخي: إلى كم أصبر قليلاً؟ فقالت العجوز إذا سكرت بلغت مرادك فرجع أخي إلى مكانه فقامت البنات كلهن وأمرتهن العجوز أن يجردنه من ثيابه وأن يرششن على وجهه ماء ورد، ففعلن ذلك فقالت الصبية البارعة الجمال منهن: أعزك الله قد دخلت منزلي فإن صبرت على شرطي بلغت مرادك فقال لها أخي: يا سيدتي أنا عبدك وفي قبضة يدك، فقالت له: اعلم أن الله قد شغفني بحب المطرب فمن أطاعني نال ما يريد، ثم أمرت الجواري أن يغنين فغنين حتى طرب المجلس، ثم قالت الجارية: خذي سيدك واقض حاجته وائتيني به في الحال، فأخذت الجارية أخي ولا يدري ما تصنع به فلحقته العجوز وقالت له: اصبر ما بقي إلا القليل، فأقبل أخي على الصبية والعجوز تقول: اصبر فقد بلغت ما تريد وإنما بقي شيء واحد وهو أن تحلق ذقنك. فقال لها أخي: وكيف أعمل في فضيحتي بين الناس؟ فقالت له العجوز إنها ما أرادت أن تفعل بك ذلك إلا لأجل أن تصير أمرد بلا ذقن ولا يبقى في وجهك شيء يشكها فإنها صار في قلبها لك محبة عظيمة فاصبر فقد بلغت المنى فصبر أخي وطاوع الجارية وحلق ذقنه وجاءت به إلى الصبية وإذا هو محلوق الحاجبين والشاربين والذقن فقام ورقص فلم تدع في البيت مخدة حتى ضربته بها وكذلك جميع الجواري صرن يضربنه بمثل نارنجة وليمونة وأترجة إلى أن سقط مغشياً عليه من الضرب ولم يزل الصفع على قفاه والرجم في وجهه إلى أن قالت له العجوز: الآن بلغت مرادك واعلم أنه ما بقي عليك من الضرب شيء وما بقي إلا شيء واحد وذلك أن من عادتها أنها إذا سكرت لا تمكن أحداً من نفسها حتى تقلع ثيابها وسراويلها وتبقى عريانة من جميع ما عليها من ثيابها وأنت الآخر تقلع ثيابك وتجري ورائها وهي تجري قدامك كأنها هاربة منك، ولم تزل تابعها من مكان إلى مكان حتى يقوم عضوك فتمكنك من نفسها، ثم قالت له: قم اقلع ثيابك فقال وهو غائب عن الوجود وقلع ثيابه جميعاً، وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

الحكاية التالية : وفي الليلة التاسعة والثلاثون