وحكايات عربية اُخرى
{
}
 
الصفحة الرئيسية > ألف ليلة وليلة > وفي الليلة السابعة والثلاثين

الحكاية السابقة : وفي الليلة السادسة والثلاثين


وفي الليلة السابعة والثلاثين

قالت: بلغني أيها الملك السعيد أن المزين قال: لما السياف ضرب رقاب العشرة وبقيت أنا فالتفت الخليفة فرآني فقال للسياف: ما بالك لا تضرب رقاب جميع العشرة؟ فقال: ضربت رقاب العشرة كلهم، فقال له الخليفة: ما أظنك ضربت رقاب غير تسعة وهذا الذي بين يدي هو العاشر فقال السياف: وحق نعمتك أنهم عشرة قال: عدوهم فإذا هم عشرة فنظر إلي الخليفة وقال: ما حملك على سكوتك في هذا الوقت وكيف صرت مع أصحاب الدم؟ فلما سمعت خطاب أمير المؤمنين قلت له: اعلم يا أمير المؤمنين أني أنا الشيخ الصامت وعندي من الحكمة شيء أكثر وأما رزانة عقلي وجودة فهمي وقلة كلامي فإنها لا نهاية لها وصنعتي الزيانة فلما كان أمس بكرة النهار، نظرت هؤلاء العشرة قاصدين الزورق فاختلت بهم ونزلت معهم وظننت أنهم في عزومة فما كان غير ساعة وإذا هم أصحاب جرائم فحضرت إليهم الأعوان ووضعوا في رقابهم الأغلال ووضعوا في رقبتي غلاً من جملتهم، فمن فرط مروءتي سكت ولم أتكلم بين يديك فأمرت بضرب رقاب العشرة وبقيت أنا بين يدي السياف ولم أعرفكم بنفسي، أما هذه مروءة عظيمة وقد أحوجتني إلى أن أشاركهم في القتل لكن طول دهري هكذا أفعل الجميل.

فلما سمع الخليفة كلامي وعلم أني كثيرة المروءة قليل الكلام ما عندي فضول كما يزعم هذا الشاب الذي خلصته من الأهوال قال الخليفة: وأخوتك الستة مثلك فيهم الحكمة والعلم وقلة الكلام؟ قلت: لا عاشوا ولا بقوا إن كانوا مثلي ولكن ذممتني يا أمير المؤمنين ولا ينبغي لك أن تقرن أخوتي بي لأنهم من كثرة كلامهم وقلة مروءتهم كل واحد منهم بعاهة ففيهم واحد أعرج وواحد أعور واحد أفكح وواحد أعمى وواحد مقطوع الأذنين والأنف وواحد مقطوع الشفتين وواحد أحول العينين، ولا تحسب يا أمير المؤمنين أني كثير الكلام ولا بد أن أبين لك أني أعظم مروءة منهم ولكل واحد منهم حكاية اتفقت له حتى صار فيه عاهة، وإن شئت أن أحكي لك فاعلم يا أمير المؤمنين أن الأول وهو الأعرج كان صنعته الخياطة ببغداد، فكان يخيط في دكان استأجرها من رجل كثير المال وكان ذلك الرجل ساكناً في الدكان وكان في أسفل دار الرجل طاحون، فبينما أخي الأعرج جالس في الدكان ذات يوم إذ رفع رأسه فرأى امرأة كالبدر الطالع في روشن الدار وهي تنظر الناس فلما رآها أخي تعلق قلبه بحبها وصار يومه ذلك ينظر إلهيا وترك اشتغاله بالخياطة إلى وقت المساء، فلما كان وقت الصباح فتح دكانه وقعد يخيط وهو كلما غرز غرزة ينظر إلى الروشن فمكث على ذلك مدة لم يخيط شيئاً يساوي درهماً، فاتفق أن صاحب الدار جاء إلى أخي يوماً من الأيام ومعه قماش وقال له: فصل لي هذا وخيطه أقمصة فقال أخي: سمعاً وطاعة ولم يزل يفصل حتى فصل عشرين قميصاً إلى وقت العشاء وهو لم يذق طعاماً، ثم قال له: كم أجرة ذلك؟ فلم يتكلم أخي فأشارت إليه الصبية بعينها أن لا يأخذ منه شيئاً وكان محتاجاً إلى الفلس واستمر ثلاثة أيام لا يأكل ولا يشرب إلا القليل بسبب اجتهاده في تلك الخياطة، فلما فرغ من الخياطة التي لهم أتى إليهم بالأقمصة وكانت الصبية قد عرفت زوجها بحال أخي وأخي لا يعلم ذلك واتفقت هي وزوجها على استعمال أخي في الخياطة بلا أجرة بل يضحكون عليه فلما فرغ أخي من جميع أشغالهما عملا عليه حيلة وزوجاه بجاريتهما وليلة أراد أن يدخل عليها قالا له: أبت الليلة في الطاحون وإلى الغد يكون خيراً، فاعتقد أخي أن لهما قصداً بريئاً فبات في الطاحون وحده وراح زوج الصبية يغمز الطحان عليه ليدوره في الطاحون فدخل عليه الطحان في نصف الليل وجعل يقول: أن هذا الثور بطال مع أن القمح كثير وأصحاب الطحين يطلبونه فأنا أعلقه في الطاحون حتى يخلص طحين القمح، فعلقه في الطاحون إلى قرب الصبح. فجاء صاحب الدار، فرأى أخي معلقاً في الطاحون والطحان يضربه بالسوط فتركه ومضى وبعد ذلك جاءت الجارية التي عقد عليها وكان مجيئها في بكرة النهار فحلته من الطاحون وقال قد شق علي أو على سيدتي ما جرى لك وقد حملنا همك فلم يكن له لسان يرد جواباً من شدة الضرب، ثم أن أخي رجع إلى منزله وإذا بالشيخ الذي كتب الكتاب قد جاء وسلم عليه وقال له: حياك الله زواجك مبارك أنت بت الليلة في النعيم والدلال والعناق من العشاء إلى الصباح فقال له أخي لا سلم الله الكاذب يا ألف قواد،والله ما جئت إلا لأطحن في موضع الثور إلى الصباح فقال له: حدثني بحديثك فحدثه أخي بما وقع له فقال له: ما وافق نجمك نجمها ولكن إذا شئت أن أغير لك عقد العقد أغيره لك بأحسن منه لأجل أن يوافق نجمك نجمها فقال له: انظر إن بقي لك حيلة أخرى. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

الحكاية التالية : وفي الليلة الثامنة والثلاثين